بسم الله الرحمان الرحيم

قال الله تعالى:{  وَلاَ تَقْرَبُوا لزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً  } سورة الإسراء: 32
أولا: القراءة  والفهم:
1 : قاموس المفاهيم الأساسية للدرس:
- لا تقربوا الزنى : أي لا تدنوا من الزنى وهو أبلغ من القول: "لا تزنوا" ، لأنه يفيد النهي عن مقدمات الزنى كالنظر واللمس والغمز ...
- إنه كان فاحشة : أي إن الزنى كان فِعْلَةً قبيحة متناهية في القبح ، ويكنى بالفاحشة عن الزنا.
- ساء سبيلا : ساء طريقا موصلا إلى جهنم وهاتكا للمحارم ، وموقعا في الأمراض والأوجاع.
2 : المضامين العامة للنصوص :
* النص الأول- الآية -:
- ما الذي حرمه الله تعالى في الآية الكريمة ؟
- وما هو جزاء من يقرب الزنا من خلال الآية ؟
- مضمونها: حرم الله فاحشه الزنا وكل ما يقرب إليها ، كالنظر ، واعتبر طريقها سيئة.
* النص الثاني - الحديث -:
- مما حَذَّرَ النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث ؟
- وما هي الآفات الناتجة عن انتشار الفواحش ؟
- مضمونه: حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الفاحشة والجهر  بها ، لِمَا يترتب عن ذلك من أمراض وأوبئة خطيرة.

ثانيا : التحليل والمناقشة:
المحور الأول:  مفهوم العفة وحقيقتها:
- تعتبر العفة قيمة من القيم الإسلامية المحضة المستندة إلى مبادئ الدين وتعاليمه السمحة، فما مفهومها 
- لغةهي الكف عما لا يحل  وَلاَ يَجْمُلُ، والاستعفاف طلب العفاف. وقيل هي الصبر والتنزه من الشيئ.
- واصطلاحا:
 العِفَّة:
- اتّزانٌ في الميول والرَّغبات وكبحُ جماح الشَّهواتِ والعواطف ، وامتناع اختياريّ عن إرضاء حاجة أو رغبة طبيعيّة.
- حفظ الفرْجِ ممّا لا يحلّ .
    - أو هي : حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة عليها ، فتكف عن محارم الله عز وجل في كل شيئ: في المأكل والمشرب والملبس وغيرها ” . والمتعفف هو المتعاطي للعفة بإرادته وعزيمته واختياره.
- قال عنترة بن شداد: “ يُخْبِرْكِ مَنْ شهِدَ الوَقِيعَةَ أنَّني ... أغشى الوغى وأعِِفُّ عند المَغنمِ ”
    خصائص المفهوم الاصطلاحي الأخير:
- حصول حالة للنفس : فالعفة إذن حالة اقتناع نفسي ووجداني ، نابعة من دواخل الإنسان .
- تمتنع بها عن غلبة الشهوة عليها : بحيث يحصل تسامي النفس عن الوقوع في هواجس النفس الأمارة بالسوء .
- فتكف عن محارم الله عز وجل في كل شيئ : أي تشمل كل أمور الحياة ، فهي ليست مختصة بحصر الدوافع الجنسية فقط ، بل البعد عن كل ما حرم الله تعالى .
- قال عز وجل:“ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ” النور : 33
- {وليستعفف} عما حرم الله عليهم حتى يرزقهم الله.
 و قال تعالى:“ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ” المجادلة: 5
- يحادون : يخالفون ويعادون الله ورسوله .
- كبتوا : أي أُهِينُوا وغِيظُوا وأُخْزُوا ...
- كبت دمعه : حبَسه وحال دون ظهوره ، كبَت غيظَه في جوفه ...
 س: فما الفرق بين العفة  و الكبت انطلاقا من الآيتين ؟
ج: الفرق بين العفة والكبت: هناك شبهة متداولة بين الناس وهي وصف العفة بالكبت، والجدير بالذكر أن الفرق شاسع بينهما :
فالعفة عملية إرادية تنطلق من قوة عزيمة المؤمن وإرادته الحرة ، طاعة لله ، واستحضارا لِمَا عند الله، حتى يغنيه ويرزقه الله من  فضله، فيلبي رغباته وفق ما أحله سبحانه .
- أما الكبت فهو  قمع الغريزة أو إلغاؤها، أو الإمتناع  غير الإرادي عن الشهوة، الناتج عن العجز عن قضائها، فيمتنع عنها اضطرارا لا اختيارا .

حقيقة العفة :
العفة: عملية وسلوك إرادي حر واختياري، يستجيب  فيه المؤمن لله تعالى:{ وليستعفف...} ،  : و تهدف إلى :
 - إعلاء الميول : بالترفع عن الرغبات الدنيئة والمنحطة للنفس الأمارة بالسوء . وتربية النفس والسمو بها بالعبادات والطاعات .
 - التحويل الإيجابي : بتصريف طاقة الإنسان في عمل نافع علمي أو رياضي أو فني ... فالنفس إن لم تشغلها بالصلاح والخير ، شغلتك بالشهوات والشر .

المحور الثاني: المنهج الإسلامي لتدبير الغريزة :
       يقدم الإسلام منهجا متكاملا ، واقعيا ، لتدبير الغريزة الجنسية ، وذلك من خلال مستويين :
 الأول : سؤال : هل ألغى الشرع الإسلامي هذه الغريزة ؟
الجواب : أَقَرَّها  واعتبرها دافعا طبيعيا فطريا ، فطر الله الناس عليه . من يستدل على هذا بنص شرعي ؟
قال تعالى : “ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين .. ” آ ل عمران ، الآية : 14 .
سؤال : إذن إلى ما دعا الإسلام ، حتى توجه هذه الغريزة بشكل صحيح وسليم ؟
-  دعا للزواج لمن قدر عليه ،
 قال تعالى : “ وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم ... ” النور ، الآية : 32 .
سؤال : ماذا يفعل من يرغب في الزواج ، ولكن ليست له القدرة المادية على ذلك ؟
الجواب، وهذا هو المستوى الثاني : عليه بالاستعفاف طاعة لله حتى يغنيه الله من فضله.
-  ثم أرشد الإسلام إلى ضرورة الالتزام بأمور تعين على العفة ، أهمها :
تدابير عامة : تتمثل في تحريم كل مظاهر وأشكال الإثارة الجنسية في الحياة الاجتماعية العامة – تحريم التبرج – الصور الخليعة – أفلام وأغاني الإثارة ... –
وترسيخ قيم : الحياء والعفة في المجتمع . 
- تدابير خاصة : بتحريم الاختلاط والخلوة بالمرأة الأجنبية ، والأمر بغض البصر، والدعوة إلى الصيام ؟
- ثبت علميا أن الصوم يهذب الغريزة الجنسية، ويسمو بالنفس نحو الخير ...
          
المحور الثالث : فوائد وآثار أو دور العفة في محاربة الفواحش:
لاَ تنشط الغريزة الجنسية عند الإنسان إلا بمثير خارجي - سببه النظر -  أو  داخلي – الخواطر – لذلك أمرنا الله تعالى بتربية النفس على العفة، المنبنية على الإرادة والعزيمة، ثم اتخاذ القرار  بِ :
 1. البعد عن المثيرات الخارجية :
- بتجنب الإثارات الجنسية المختلفة ...
تجنب الخلوة والإختلاط  والأماكن المشبوهة ...
  2. والبعد عن المثيرات الداخلية :
- بدفع الخواطر الجنسية بالتزام طاعة الله وتذكر عقابه ، والموت ...
- وشغل الفكر بما ينفع من علم وعمل .
    - وتجنب الفراغ ، والوحدة الفاسدة ، بالصحبة الصالحة ...
آثار و ثمار و فوائد العفة على الفرد  و المجتمع :
أ‌- حفظ الأعراض :
دَفْعًا لأسباب الريبة والفتنة والفساد والإباحية والاستغلال ...
ب- تأمين سلامة المجتمع: نرجع إلى الحديث الشريف الذي بدأنا به الدرس ؛
   من الأذى والشرور والآفات والأمراض الفتاكة و كل عوامل الانهيار الحضاري. قال تعالى: ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا ) الإسراء: 16 .
ج- حراسة الفضيلة في المجتمع :
بِصَدِّ النفس  وزجرها عن الانحراف والانزلاق إلى مهاوي الرذائل وهتك الأعراض ...

المحور الربع :  كيف أنمي  خلق  العفة لَدَيَّ  ؟؟؟
   قواعد أساسية لتنمية خلق العفة  لدى  الشباب:
  •  الإستعانة  بالله تعالى ؛
  • تجنب الفراغ ، واشغل نفسك بالعمل المفيد والطاعات ؛
  •  مصاحبة الأخيار ، والبعد عن رفقاء السوء ؛
  •  إشغال الفكر  باهتمامات مفيدة ، بعيدا عن الخيالات  المهيجة ؛
  •  الإستعانة  بالصبر  والصلاة  والإكثار  من الصوم لأنه  يعمل على  خفض الهرمونات الجنسية.
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.






0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Top